صراخ في البيت والشارع والمدرسة

صراخ في البيت والشارع والمدرسة

جميل حمد - ''بسبب الأعباء المتزايدة وصعوبة الحياة ومشاكلها الاقتصادية والضغوط النفسية المتزايدة ،فانني اضطر للصراخ في وجه أبنائي ''تقول الموظفة فاطمة خليل . وتشرح بان ما هو مطلوب من الأمهات يفوق القدرة على الاحتمال ،بدءا من مساعدة أطفالهن في فهم واستيعاب دروسهم ،والمساعدة في حل الواجبات المنزلية لليوم التالي بعد ان اصبحت الام تشارك المدرسة في دورها''
وبحسبها فالأم العاملة في ''موقف صعب لا تحسد عليه ، فكيف لها بعد يوم عمل شاق وطويل ان لا تصرخ..!
وظاهرة الصراخ تنتشر كما النار في الهشيم ، وبالكاد يخلو منها بيت او شارع أومدرسة أو أسرة لديها أطفال في المراحل التعليمية الاساسية .
ويقول المرشد التربوي في مدرسة ''ابو سلمى''بماركا حمدي عبد الحليم العوايشة ان صراخ المعلم وارتفاع طبقات صوته اكثر مما يجب، يربك الطلاب ويسبب لهم التشويش وخاصة في الصفوف الاساسية الاولى '' ويفسر بان بعض الطلبة يخافون من المعلم حين يوجه لهم سؤالا بنبرة صوت عالية وحادة وذلك يربك الطفل ويلعثمه رغم معرفته الاجابة الصحيحة .
اما المعلم حسن عبد الله ويعمل في وزارة التربية فيقول بانه ''يهدُر'' امام طلبة المدرسة يوميا ،لان ذلك افضل الطرق لضبطهم وخاصة اثناء الاستراحة وفي طابور الصف الصباحي او طابور الاستراحة حيث تصبح عملية الضبط والاصطفاف اكثر تعقيدا''
ويشكو من ان اجهاد الصوت والصراخ أثر في اوتاره الصوتية وسبب له التهابات في الحنجرة تمنعه من الحديث احيانا وكما يقول لا مفر،ما دام يعمل معلما ومسؤولا عن اصطفاف الطلبة .
ويرى العوايشة بان اهم ما في شخصية المعلم هو صوته ،ونطقه الواضح لمخارج الحروف ويروي بان احد المعلمين وكان مخلصا في عمله ومحبا لمهنته ويحرص على كل دقيقة ليعلم طلابه ولكن ثقلا في لسانه اعاق توصيل المعلومات لطلبته ،فاعتزل التعليم ''
ويدعو لاختبار صوت المعلم في اكثر من موقف قبل تعيينه وتدريبه لاحقا على تنويعات الصوت حسب المواقف والمراحل التي يدرسها ليمسك بزمام مهنته وليكن اكثر اقناعا امام طلبته ..
ويقول .د جهاد حمدان و د. ياسر الناطور -في ترجمتهما لكتاب تقويم النطق واللغة والصوت الإنساني في طبعته العربية الأولى، الصادرة عن عمادة البحث العلمي في الجامعة الأردنية للمؤلفين دانيال بون وستيفن مكفارلين وشيلي فون بيرغ -ان صوتنا هو نحن! وإذا اضطرب فقد تتغيرحياتنا، وقد نضطر إلى تغيير وظائفنا، فالمحاضر والبائع والمغني وغيرهم يعتمدون على أصواتهم لتأدية وظائفهم بشكل فعّال.
وان الاضطرابات الصوتية ناتجة أيضاً عن سوء استخدام الصوت كالتحدث بصوت عال جداً، أو بطبقة صوت منخفضة جداً، أو مرتفعة جداً، أو التحدث أثناء الشهيق، أو استخدام طبقة غير مناسبة، أو تجاوز مساحات الصوت الإنساني الطبيعية، كأن يقوم بعض الناس بتقليد أصوات الممثلين أو المغنين فيؤذون أصواتهم لأنهم لا يمتلكون المساحة الصوتية اللازمة لذلك. وقد يؤدي هذا إلى إحداث أضرار مؤقتة أو دائمة في عمل الأوتار الصوتية، أو في نوعية الصوت الإنساني.
ويفسران اضطرابات الصوت الإنساني حيث ينجم بعضها عن أسباب نفسية تظهر على شكل أفونيا (اختفاء الصوت بشكل كامل( أو ديسفونيا (صوت أجشّ)، دون أن يكون هناك سبب عضوي أو عصبي واضح، ويكون الضغط النفسي الناتج عن مشاكل الحياة اليومية هو السبب في العادة في الأفونيا أو الديسفونيا. وتكثر اضطرابات الصوت الناتجة عن أسباب نفسية عند الإناث، ذلك أن الإناث أكثر تأثراً بمشاكل الحياة اليومية.
وفي دراسة شملت 110 أًسر أمريكية تضم أطفالاً تتفاوت أعمارهم ما بين 3-5 أعوام ، اكد معهد العلوم النفسية في أتلانتا أن هناك علاقة قطعية على وجود علاقة بين شخصية الطفل المشاغب، الكثير الحركة ، و بين الأم العصبية التي تصرخ دائماً و تهدد بأعلى صوتها حين تغضب .
واهم ما في نتائج الدراسة أن الأم التي تعبر عن غضبها بالصراخ و باستخدام ألفاظ بذيئة ، أو سيئة أمام طفلها ، تدفع به إلى التحول لطفل مشاغب ، حيث تأثير غضب الأم أقوى من تأثير غضب الأب على تكوين شخصية الطفل .