خبز الطابون.. رغيف قديم ما زال شهياً

وليد سليمان - وائل الساريسي من عشاق رغيف الطابون والذي يبحث عنه دائماً لدى عدة افران قليلة هنا وهناك في مناطق عمان الشعبية.. رغم ان هذا الرغيف في افران المدن هو رغيف طابون صناعي!!.
لكن الرجل هو من مواليد منطقة جرش هذا المكان الذي تحيط به عدة قرى للفلاحين الذين حافظ البعض منهم على وجود طابون حقيقي في حاكورة بيته او مزرعته.. حيث يؤمن هؤلاء ان وجود الطابون هذا الفرن التراثي الموجود فقط في بعض قرى الأردن وفلسطين ضرورة حياتية ومكمل غذائي شهي جداً لا يمكن الاستغناء عنه.
ويحدثنا وائل بحنين جارف معتبراً ان اجمل رائحة للقرية عندما تدخل عن بعد هو ان تتنسم رائحة الطابون.. مما يستدعي الشهية ان تتحفز لالتهام رغيف طابون ساخن مع بعض زيت الزيتون او الجبنة البيضاء او مع الزعتر البلدي.. او ربما اكل رغيف الطابون (حافاً) دون أي (غماس) معه.. ويعتبر هذا الغذاء اعظم والذ من التهام خروف محشي محمر.
وفي حديث لابواب الرأي مع السيد وائل الساريسي الخبير بامر طوابين الخبز الشعبي والقروي حدثنا باسلوب المتابع لكل عمليات اعداد الطابون الفلاحي وخبزه الشهي اللذيذ فقال: توجد بعض افران الطابون الحقيقي في الاردن في بعض قرى جرش واربد كفر ابيل وجديتا وقرى عجلون وعنجرة وفي اماكن اخرى وفي فلسطين في قرى رام الله والخليل مثلاً.
واوضح ايضا ان من مميزات خبز الطابون تلك الرائحة الزكية والنفاذة التي يشتهيها حتى الشخص المار في الطريق وكذلك الجيران، ولا يستطيع الشخص مقاومة اغراء اكل هذا الخبز الذي يتحلق الاطفال وحتى الكبار حول طابون مشتعل تقوم امرأة ريفية بعملية الخبيز حتى تتكرم باعطاء هؤلاء المشتهين بعض هذا الخبز لأكله حافاً.
وعن الاستخدامات الاخرى الطابون الحقيقي والذي يستعمل (الزبل) كوقود له .. وفيه ايضا يمكن شواء البطاطا والبصل والباذنجان لعمل المتبل، كذلك لصنع الاكلة الشعبية المعروفة (المسخن) أي خبز الطابون مع الزيت والبصل المفروم والدجاج المحمر، وتلك اكلة شهية اخرى لانها تصنع ويتم انضاجها في داخل الطابون.
اما عن طوابين المدن الصناعية (الطابون الصناعي) فهو تقليد لا بأس به لرغيف الطابون الفلاحي.. والذي اخذت بعض الافران في المدن مثل مدينة عمان تصنعه بفرن عادي، وذلك بوضع بعض حجارة الزلط في داخل بيت نار الفرن، ووضع رغيف العجين عليه لينضج فيما بعد ويخرج وكأنه مثل رغيف الطابون الحقيقي.
وقد انتبه اصحاب الافران الصناعية هؤلاء الى الانشداد الكبير لعدد كثف من كبار السن رجالاً ونساءً وبالذات من الفلاحين في المدن ممن يحنون ويشتاقون لشراء واكل ارغفة الطابون.. فقاموا بصنع نسخ صناعية مقلدة له دون طابون ولكن بفرن عادي دون زبل.
اما عن مكونات رغيف خبز الطابون الاصلي فهي 70% طحين ابيض يضاف اليه 30% طحين قمح بلدي.. وهذه النسبة تجعل الرغيف صالحاً لعدة ايام.. اما عن خبز الطابون الصناعي فان نسبة الطحين الابيض فيه تقارب ال 100% مما يجعله صالحا ليوم ربما أي ان يؤكل ساخنا واذا ما بات ليوم اخر فانه يجفر مثلاً.
ومكونات فرن الطابون الحقيقي القروي تتألف من : قوالب طين مخلوط بالقش، ثم يقصر بيت الطابون من الداخل والخارج بمعجون الطين.. ويوضع الزلط حجارة صغيرة ملساء من حجارة شواطئ البحر مثلاً على ارضية الفرن مع رف من الصاج الحديد نصف دائري يكون مرتفعاً قليلاً فوق الحجارة (الرضف .. اما وقود فرن الطابون فهو روث الحيوانات الجاف (الزبل) حيث يحافظ هذا عند اشعاله على الحرارة ولاشتعال لمدة طويلة.. ويحتوي الطابون على نوهة عليا صغيرة لخروج الدخان.. ويحتوي ايضا على فتحة جانبية لتزويد الطابون بالزبل.
وعند اشعال الطابون في البداية يخرج دخان كثيف من الفوهة العليا لمدة بسيطة ثم يخف ويصبح الطابون جاهزاً للخبيز مع اغلاق الفتحة العليا حتى ينضج الرغيف جيداً.
هذا وتكون المرأة الفلاحة القروية الماهرة واكثرهن من كبار السن المحترفات في التعامل مع خبز الطابون قد جهزت قطعة العجين بيدها لفرده واسعاً داخل الطابون على الزلط الحامي ثم بعد فترة تقلب الرغيف على الجهة الاخرى اذا ارادت الاتقان كثيراً.
والان في ايامنا الحاضرة نحن سكان المدن.. وبالذات مدينة عمان نلاحظ بعض الافران والمخابز العادية التي تقوم بتقليد رغيف وخبز الطابون والمنتشرة في مجملها في بعض مناطق وجبال عمان الشعبية مثل جبل المنارة والنصر وسحاب وصافوط وشارع الثلاثين.. واماكن اخرى ايضا وان الاقبال على شراء خبز الطابون اقبال رائع وطيب وله زبائن عديدة.. حتى ان هذا الامر يزداد بكثرة ملحوظة حد الازدحام امام هذه الافران من اجل شراء ارغفة خبز الطابون الشعبي العربي الشهي في اوقات المساء وايام العطل والاعياد وشهر رمضان كذلك.