موقع بلدة عجور ( بنت فلسطين )


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

موقع بلدة عجور ( بنت فلسطين )
موقع بلدة عجور ( بنت فلسطين )
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش Empty لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش

مُساهمة من طرف Eva الإثنين مايو 04, 2009 3:06 pm

محمود درويش



لا تعتذر عما فعلت – أقول في

سري. أقول لآخري الشخصي:

ها هي ذكرياتك كلها مرئية:

ضجر الظهيرة في نعاس القط/

عرف الديك/

عطر المريمية/

قهوة الم/

الحصيرة والوسائد/

باب غرفتك الحديد/

الذبابة حول سقراط/

السحابة فوق أفلاطون/

ديوان الحماسة/

صورة الأب/

معجم البلدان/

شكسبير/

الأشقاء الثلاثة، والشقيقات الثلاث،

وأصدقاؤك في الطفولة، والفضوليون:

"هل هذا هو؟" اختلف الشهود:

لعلهن وكأنه. فسألت: "من هو؟"

لم يجيبوني. همست لآخري : "أهو

الذي قد كان أنت... أنا؟" فغض

الطرف. والتفتوا إلى أمي لتشهد

أنني هو.. فاستعدت للغناء على

طريقتها: أنا الأم التي ولدته

لكن الرياح هي التي ربته

قلت لآخري: لا تعتذر إلا لأمك!!!


في القدس


في القدس، أعني داخل السور القديم،

أسير من زمن إلى زمن بلا ذكرى

تصوبني. فإن الأنبياء هناك يقتسمون

تاريخ القدس... يصعدون إلى السماء

ويرجعون أقل إحباطاً وحزناً، فالمحبة

والسلام مقدسان وقادمان إلى المدينة.

كنت أمشي فوق منحدر وأهجس كيف

يختلف الرواة على كلام الضوء في حجر؟

أمن حجر شحيح الضوء تندلع الحروب؟

أسير في نومي. أحملق في منامي. لا

أرى أحداً ورائي . لا أرى أحداً أمامي.

كل هذا الضوء لي. أمشي. أخف. أطير

ثم أصير غيري في التجلي. تنبت

الكلمات كالأعشاب من فم أشعيا

النبوي: "إن لم تؤمنوا لن تأمًنوا".

أمشي كأني واحد غيري. وجرحي وردة

بيضاء إنجيلية. ويداي مثل حمامتين

على الصليب تحلقان وتحملان الأرض.

لا أمشي، أطير، أصير غيري في

التجلي. لا مكان ولا زمان . فمن أنا؟

أنا لا أنا في حضرة المعراج. لكني

أفكر: وحده النبي محمد

يتكلم العربية الفصحى. "وماذا بعد؟"

وماذا بعد؟ صاحت فجأة جندية:

هو أنت ثانية؟ ألم أقتلك؟

قلت: قتلتني... ونسيت، مثلك، أن أموت.


لا ينظرون وراءهم


لا ينظرون وراءهم ليودعوا منفى،

فإن أمامهم منفى، لقد ألفوا الطريق

الدائري، فلا أمام ولا وراء، ولا

شمال ولا جنوب. "يهاجرون" من

السياج إلى الحديقة، يتركون وصية

في كل متر من فناء البيت:

"لا تتذكروا من بعدنا

إلا الحياة"...

"يسافرون" من الصباح السندسي إلى

غبار في الظهيرة، حاملين نعوشهم ملأى

بأشياء الغياب: بطاقة شخصية، ورسالة

لحبيبة مجهولة العنوان:

"لا تتذكري من بعدنا

إلا الحياة"

و"يرحلون" من البيوت إلى الشوارع،

راسمين إشارة النصر الجريحة، قائلين

لمن يراهم:

"لم نزل نحيا، فلا تتذكرونا"!

يخرجون من الحكاية للتنفس والتشمس

يحلمون بفكرة الطيران أعلى... ثم أعلى

يصعدون ويهبطون، ويذهبون ويرجعون

ويقفزون من السيراميك القديم إلى النجوم

ويرجعون إلى الحكاية... لا نهاية للبداية

يهربون من النعاس إلى ملاك النوم،

أبيض، أحمر العينين من أثر التأمل

في الدم المسفوك:

"لا تتذكروا من بعدنا

إلا الحياة"....



لم يسألوا: ماذا وراء الموت


لم يسألوا: ماذا وراء الموت؟ كانوا

يحفظون خريطة الفردوس أكثر من

كتاب الأرض، يشغلهم سؤال آخر:

ماذا سنفعل قبل هذا الموت؟ قرب

حياتنا نحيا، ولا نحيا. كأن حياتنا

حصص من الصحراء مختلف عليها بين

آلهة العقار، ونحن جيران الغبار الغابرون.

حياتنا عبء على ليل المؤرخ: "كلما

أخفيتهم طلعوا عليَّ من الغياب"...

حياتنا عبء على الرسام: "أرسمهم،

فأصبح واحداً منهم، ويحجبني الضباب".

حياتنا عبء على الجنرال: "كيف يسيل

من شبح دم؟" وحياتنا

هي أن نكون كما نريد. نريد أن

نحيا قليلاً، لا لشيء... بل لنحترم

القيامة بعد الموت. واقتبسوا،

بلا قصد كلام الفيلسوف: "الموت

لا يعني لنا شيئاً. يكون فلا

نكون"

ورتبوا أحلامهم

بطريقة أخرى. وناموا واقفين!!!


في الانتظار


في الانتظار يصيبني هوس برصد

الاحتمالات الكثيرة: ربما نسيت حقيبتها

الصغيرة في القطار، فضاع عنواني

وضاع الهاتف المحمول، فانقطعت شهيتها

وقالت: لا نصيب له من المطر الخفيف

وربما انشغلت بأمر طارئ أو رحلة

نحو الجنوب لكي تزور الشمس، واتصلت

ولكن لم تجدني في الصباح، فقد

خرجت لأشتري غاردينيا لمسانا وزجاجتين

من النبيذ

وربما اختلفت مع الزوج القديم على

شؤون الذكريات، فأقسمت ألا ترى

رجلاً يهددها بصنع الذكريات

وربما اصطدمت بتاكسي في الطريق

إلي، فانطفأت كواكب مجرتها

ومازالت تعالج بالمهدئ والنعاس

وربما نظرت إلى المرآة قبل خروجها

من نفسها، وتحسست أجاصتين كبيرتين

تموجان من حريرها، فتنهدت وترددت:

هل يستحق أنوثتي أحد سواي

وربما عبرت، مصادفة، بحب

سابق لم تشفَ من، فرافقته إلى

العشاء

وربما ماتت،

فإن الموت يعشق فجأة، مثلي،

وإن الموت، مثلي، لا يحب الانتظار
Eva
Eva
مشرف
مشرف

عدد الرسائل : 144
المزاج : لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش 3310
علم الدول : لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش Male_p11
حترامك لقوانين المنتدى : لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش 21010
تاريخ التسجيل : 24/04/2009

https://www.youtube.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش Empty رد: لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش

مُساهمة من طرف جميل العرباتي الثلاثاء مايو 05, 2009 9:02 pm

قصائد رائعة وانتقاء مميز من ايفا الرائعة لشاعر مميز اشكرك
جميل العرباتي
جميل العرباتي
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 1668
الموقع : www.ajoory.com
علم الدول : لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش Male_j11
حترامك لقوانين المنتدى : لا تعتذر عما فعلت-محمود درويش 21010
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

http://www.ajoory.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى