موقع بلدة عجور ( بنت فلسطين )


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

موقع بلدة عجور ( بنت فلسطين )
موقع بلدة عجور ( بنت فلسطين )
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أيـــام البطيــخ

اذهب الى الأسفل

أيـــام البطيــخ Empty أيـــام البطيــخ

مُساهمة من طرف العجوري الجمعة يونيو 20, 2008 5:06 pm

أيـــام البطيــخ

أيـــام البطيــخ 183135


سامح محاريق - إنه خارج المنافسة.. يسكن في الذاكرة والرغبة والحكايات والأمثال ويشيع الارتياح النفسي ومشاعر الامتلاء الصحية.. إنه البطيخ.
صحيح أننا نمارس الجحود بحقه كعادتنا مع الشركاء التاريخيين في مسيرتنا الحضارية في العالم العربي، فما أسهل أن نطلق على الأوضاع السيئة بأنها أصبحت بطيخا، المسألة تذكر بـ''الحمار'' أيضا الذي لم تكن عجلة الحياة لتسير في الأرياف والمدن الصغيرة لولا صبره وغفلته وطاعته المتناهية وإخلاصه، ومع ذلك لقي فصولا من السخرية التي لم تمثل سوى إدانة لثقافة تشجع على استغلال الآخر، البطيخ لم يمنح الفرصة لأحد لاستغلاله فظل دائما مصدر الاحتفاء والحفاوة ومع أننا نضيفه في قائمة السخرية من وقت لآخر، إلا أننا نقيم احتفالية مفتوحة مع تباشيره الأولى فتنصب المعرشات التي تقام خصيصا لتوفيره على مقربة من الناس في أكثر ظواهر الاقتصاد الموسمي وضوحا في الحياة اليومية في فصل الصيف.
البطيخ ليس علاجا سحريا ولا يحظى بقيمة غذائية كبيرة وحصته من الفيتامينات متواضعة مقارنة بفواكه الصيف ومع ذلك فإنه نجم الصيف بلا منازع، فأكثر من 90% من وزنه الذي يتعدى في المتوسط ثلاثة كيلوغرامات من الماء لذلك يتمكن من ترطيب الحلق والأمعاء وتنقية الكلى، ليس ذلك فقط ولكن للبطيخ قيمة معنوية وعاطفية في الحياة العربية فالمسنون يتباهون بخبرتهم في البطيخ وأحواله وقدرتهم على فرزه بين البطيخ الأبيض المميع وبين البطيخ الأحمر الحلو من خلال نقرات خفيفة على جداره الأخضر الصلب.
الغموض أحد أسرار البطيخ فلا أحد يستطيع أن يخمن الحالة في داخل البطيخة، لذلك اعتاد الناس أن يشبهوا الزواج بالبطيخة فإما أن يثير الغبطة والبهجة أو خيبة الأمل والإحباط وكذلك البطيخة حين تجوس السكين بداخلها وسط حالة الترقب من العائلة أو شلة الأصدقاء التي تلتف حول الحادثة المهمة بترقب مثير، ولكن هذه المغامرة يمكن تجنبها مع دفع هامش معقول لتشجيع البائع على اختبار البطيخة وشقها ليتحمل مخاطرة البطيخ الأبيض.
البطيخ لم يعد يمثل علاقة منفعة أحادية الاتجاه بين الإنسان والطعام ولكنه جزء من ثقافة الصيف وطقوسه فشاع مشهد المواطنين الذين يصرون على التوقف لشراء البطيخ من المعرش والدخول في جدلية البياض والحمرة، وفي مصر مثلا ما زال الناس سيتندرون بمشهد الموظف الحكومي الذي يحاول أن يلحق بالحافلة وهو يمسك في إحدى يديه بطيخة وفي اليد الثانية بطبيعة الحال جريدة يومية، فهل ثمة ارتباط وجداني بين البطيخ والصحافة؟؟.
صحيح أن البطيخ لم يعد كما اعتدناه فعلى الأقل لم نعد قريبين من أماكن زراعته التي أخذت تتباعد في مزارع بعيدة ''هرمونية'' في الغالب بعد أن كان يتمدد بأريحية على مساحات كبيرة في ضاحية الرشيد وصالحية العابد ووادي السير وسحاب، وكانت رغبة العبث والمغامرة تشجع الطلبة العائدين من مدارسهم لتخريب جانب من المحصول بركله وتراشقه بحثا عن البطيخة الحمراء التي يظلون يحاولون البحث عنها بقية حياتهم.
المعرشة ذاتها أصبحت لا تغيب كثيرا مع التقدم في الزراعة ومعالجة البطيخ والتعجيل في نموه وبعض المعرشات في عمان أصبحت ثابتة وجزءا من الفلكلور حتى يمكن أن يصف الشخص منزله لزائر جديد من خلال المعرشة على الناصية، وفي مقابل ذلك معرشات لا تحمل أي قدر من الوفاء فتتنقل أثناء الصيف من مكان إلى آخر ولا يمكن التعويل عليها لمن يرغبون في البطيخ بصورة فورية، والبطيخ في المعرشة وإن لم يختلف من الناحية البيولوجية والقيمة الغذائية عن البطيخ المعروض في محلات بيع الخضر والفواكه إلا أن يكتسب طعما آخر في المعرشة حيث للشراء أصول وأهمها التفاوض حول البطيخة والنقاش حول غلاء الأسعار وأحيانا الأحاديث السياسية السريعة بين رواد المعرشة.
الحفاوة بالبطيخ ليست حكرا على العرب الذين اتفقوا على منحه مكانة متقدمة عن بقية الفواكه الصيفية لأسباب تتعلق بطبيعة البلاد العربية الحارة فبعض الدول العربية وإن كانت تستطيع أن توفر في الغالب الاكتفاء من البطيخ للاستهلاك المحلي مثل الأردن فإن دولا أخرى تضطر لاستيراده من دولتين منتجتين بصورة كثيفة وهما الجارتان تركيا وإيران بينما تعد مصر أكبر دولة عربية منتجة للبطيخ تليها الجزائر، أما المغرب فقصة أخرى حيث يعلن المغاربة حبهم غير المشروط للبطيخ وإصرارهم على توفير البطيخ لكل مواطن وزائر بوفرة تجعل منظره لدى الباعة جانبا من جمالية الريف المغربي.
لم يتفق العرب على تسمية البطيخ ففي الجزيرة العربية يسمونه البمبرة والحبحب والرقى وفي المغرب يسمى بالكوار أو الدلاع ولكن الشام ومصر احتفظت بالاسم الذي تم منحه للغة العربية الفصيحة واعتماده رسميا ''البطيخ'' ليصبح الاسم المتعارف عليه والأكثر استخداما في وصف الدنيا والحظ وما إلى ذلك.
الصين أتت في المقدمة فهي أكبر منتج للبطيخ في العالم وتنتج الصين تقريبا نصف الإنتاج العالمي ولكن الطلب المتزايد على البطيخ دفع التدخل الهرموني إلى ذروته لإنتاج بطيخ أكثر حلاوة واحمرارا ووصلت القصة في اليابان إلى إنتاج البطيخ المكعب وليس الكروي..
في أوروبا يأتي البطيخ من اليونان وأسبانيا ويعامل بكثير من العناية حيث يكلف كثيرا بالقياس إلى الفواكه الأخرى لذلك يتم تقطيعه إلى شرائح وبيعه مغلفا فتنتفي الحاجة إلى المعرشات وإلى النقرات المتوجسة على غلافه السميك، ولذلك فإنهم يفقدون متعة كبيرة في لعبة الغموض والترقب، ولكنهم هناك يعلنون بصراحة اعتزازهم بما يزرعون فتنتشر مهرجانات البرتقال والعنب والزيتون والتي يتدافع الناس للمشاركة فيها بحب وحماس وتندفع الصحافة لتغطيتها وتعد جانبا من برامج الترويج السياحي كما يحدث مع مدينة بونيول الأسبانية للطماطم والذي يشترك فيه سنويا عشرات الآلاف من المواطنين والسياح، ولكن كالعادة فإننا نأكل البطيخ ونستفيد من بذوره في التسلية وتذهب جدرانه السميكة إلى الماشية وفي النهاية نصف الأوضاع السيئة .. بالبطيخ.
منقول
العجوري
العجوري
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 2331
العمر : 70
الموقع : www.ajoory.com
المزاج : أيـــام البطيــخ 16210
علم الدول : أيـــام البطيــخ Male_j11
حترامك لقوانين المنتدى : أيـــام البطيــخ 21010
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

http://www.ajoory.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى