تخريفة اليوم

تخريفة اليوم تتعلق برحلة صغيرة أقوم بها بين الفينة و الأُخرى .. ففي مثل هذا الوقت من الشّهر أذهب مع 'سيدي' (جدي) إلى المشفى في زيارة دورية ..
لا أُخفيكم سرّاً أني أنزعِج أحياناً من هذه الزيارة ، فــ 'سيدي' كبير الحجم ، ثقيل الوزن و حركته صعبة .. يحمل عصى سرعان ما يستبدلها بي ليتكىء علي .المُغامرة تبدأ بوداع الجدة التي تفارقنا و كأننا ذاهبون الى المريخ!! أثناء الطريق ، و في السيارة لا تمضي دقيقة دون مُلاحظة هنا أو هناك : " دير بالك " ، " زمّــر " ، " أُضرب غمّــاز " .. و خلافه من مصطلحات السواقة ..

في المشفى ، يقاطع 'سيدي' العجُوز كل محادثة بيني و بين الممرض أو الطبيب .. يسأله عن اسمه و اسم أبوه و من أين هو و أين يجد الحمام .. .. لا يترك أحداً ..

حتى لا أترك صورة سلبية لديكم عند 'سيدي' ، فيكفي أن أقول أنه تعلم الانجليزية من الجنود الانجليز و يتكلمها بطلاقة (أفضل منّي) و اضاف لها بعد ذلك ألمانية خفيفة ..هو أيضا ميكانيكي بارع يكاد يكون جراحا .. كما أنه يتحلى بخفّة دم و عقل مُنفح و شهية مفتوحة دائما

المهم في الموضوع أني اكتشفت ان رعاية كبار السن ، بغض النظر عن مستواهم العلمي و الثقافي أصعب بدرجات من رعاية الأطفال!! و اكتشفت أيضا أن الانسان مهما علا شأنه لا بدّ و أن يحتاج غيره في مرحلة العجز. في هذه الرحلة أتذكر دائما ما كان يفعله سيدي لي و أنا طفل صغير عاجز الأمر الذ يهوّن هذه المغامرة الصغيرة ..

الله يخليلنا كبارنا وانتا رجل بار يا سيد عزمي وانشالله تفرح بأحفادك ويحبوك زي ما بتحب سيدك يخليلك ياه