من طرف كايد سمرين السبت ديسمبر 27, 2008 7:48 am
زاد الاردن - تطالعنا الأخبار أن الرئيس الفرنسي قدم مقترحاً بخصوص تقديم تعويضات للأخوة الفلسطينيين مقابل حق العودة تقدر بنحو 200 مليار دولار ، وسيتم تمويل هذه الخطة من مصادر مالية خليجية حسب الخبر ، وهذا الخبر تناقلته بعض المواقع بجانب الأخبار التي تظهر أن موازنة أكبر دولة منتجة للنفط وهي السعودية سجلت عجزاً مالياً في موازنة 2009 وصل إلى 65 مليار ريال سعودي (نحو 17.3 مليار دولار) ، رغم أن السعودية لوحدها سجلت فائضاً في إيرادات النفط وصل إلى نحو 590 مليار دولار (157 مليار دولار ) في هذا العام .
إن الكرم بالتأكيد من شيم العرب وهي قبل ذلك من أخلاق الإسلام وتعاليمه و جميعاً نستذكر القصة الحاتمية عندما ذبح فرسه وقدمها طعاماً للضيوف ، والعربي بكل تأكيد مطالب بالوقوف إلى جانب أخيه المسلم ليس في هذا المكان فقط ، و أنا اعتقد جازماً أنه لا يوجد عربي مسلم إلا وتعاطف من أخوته في فلسطين وقدم لهم المساعدات والدعم ، ويجب أن نستذكر دائماً ولا ننسى في هذا المكان المساعدات الدورية والمستمرة التي يقدمها الأردن إلى قطاع غزة ، ناهيك عن المساعدات الطبية والعينية الأخرى ، ووقوفه سداً منيعاً ومحارباً صلباً أمام كل المؤامرات التي قد تحاك ضد شعبنا في فلسطين ، فالكل يكرم ويقدم مساعداته وفق إمكانياته المتاحة وحسب قدرته على ذلك .
إن تلك الورقة يمكن اعتبارها قرار أوروبي وتلميح بضرورة تبني هذه الخطة المالية التي بكل تأكيد سوف ترهق الموازنات الخليجية التي تعيش طفرة اقتصادية في معظم المجالات خاصة الصحة والتعليم والبنى التحتية الأساسية ، ورغم أن اقتصاديات تلك الدول تعاني من فائض كبير في حجم السيولة البنكية التي يمتلكها القطاع العائلي ومؤسسات الأعمال، إلا أن الدين العام الحكومي الداخلي يعد عنواناً بارزاً في أروقة الاقتصاد خاصة عند الحديث عن مؤشرات النمو الاقتصادي المتوقع في السنوات القادمة ، ومواصلة المشروعات التي تم البدء بها في السنوات الماضية ، والسعي للخروج من حالة الركود الاقتصادي التي سببتها الأزمة المالية التي يتوقع أن تكون أشد وطأة في عام 2009 ، وانخفاض أسعار النفط العالمية .
إن المساعدات المالية التي ستقدم للأفراد من شأنها إحداث طفرة اقتصادية مكررة لما حدث في عام 1994 (تعويضات الخليج) ، فسينتعش قطاع العقارات والإسكان وسيجل مؤشرات تنموية لافتة ، كما سينتعش قطاع السيارات والمستلزمات المنزلية ، وسيزداد حجم الودائع البنكية دون أن يكون لها أثر على زيادة معدلات الاستثمار ، وسوف ترتفع مؤشرات الاستهلاك ، ومن هنا قد تعتبر تلك التعويضات مصدراً جديداً ومبرراً لزيادة مستويات الأسعار في الدول التي يكثر فيها الفلسطينيين كالأردن وسوريا ، وستكون المنفعة الاقتصادية القومية لها سالبة ، بل وستؤدي إلى سوء في إعادة توزيع الدخل بين الأفراد لصالح الطبقات الرأسمالية وطبقات رجال الأعمال وأصحاب الشركات .
لذلك من الأجدى أن تكون تلك التعويضات على شكل مساعدات مالية تقدم للحكومات المعنية بالموضوع مباشرة ، وتقدم هذه المساعدات والمعونات إما بشكل عيني مثل النفط أو بشكل مادي ، وعلى ما اعتقد أن إدخال تلك التعويضات ضمن خطط الإنفاق الحكومي ستكون أكثر فعالية وأشد تأثيراً على المؤشرات الاقتصادية والتنموية وعلى مستوى رفاهية الفرد ، وستكون أكثر عدالة في توزيع الدخل على مستحقيه .
إن الأردن يدفع سنوياً مئات الملايين من الدولارات مقابل الحصول على احتياجاته النفطية وهو يحتضن أبنائه من العراق الشقيق ، ويزداد الإنفاق الحكومي بملايين الدنانير سنوياً أيضاً على التعليم والصحة وتجهيز البنى التحتية كالشوارع والكهرباء والمياه ، وذلك باعتبار أن تلك السلع العامة هي من مسؤوليات الحكومة ، وبنفس الوقت من ضمن الحاجات الأساسية للمواطنين .
إن تلك المسؤوليات أرهقت القرار الاقتصادي الحكومي ، وكلنا يدرك ذلك من خلال قرار دعم الكاز الممنوح للأسر بنحو 13 دينار شهرياً ، فهي بكل تأكيد لن تكفي لأكثر من أربعين لتراً من الكاز ستستهلك في أقل من يومين ، وللعلم فإن هذا الشكل من الدعم الحكومي (الشكل النقدي) تاريخياً لم يحقق الأهداف المنشودة منه ، وقد يوجه لشراء احتياجات أخرى غير الكاز ، خاصة أنه سيوجه لأسر أو عائلات هي بالأصل تعاني شحاً في مخصصات المواد الأساسية كالمأكل والملبس .
الدكتور إياد عيد الفتاح النسور
جامعة الإمام محمد بن سعود
Nsour_2005@yahoo.com
|
|
