الأمير الحسن : المدينة المقدسة أمانة في اعناق كل المخلصين من أبناء الأمة

من طرف **العجوري** الأربعاء مارس 04, 2009 11:49 am

الأمير الحسن : المدينة المقدسة أمانة في اعناق كل المخلصين من أبناء الأمة

عمان - الدستور - ماضي عيسى

قال سمو الأمير الحسن بن طلال ، رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه ، إن "القدس هي الرمز الحي الذي نرنو إليه ونستلهم منه معاني التفاهم والتعايش والاتصال والتواصل والحوار وبناء الذات المحورية والقواسم المشتركة والأرضية المشتركة".

وأضاف سموه في كلمته التي افتتح بها أعمال الندوة الفكرية السنوية لمنتدى الفكر العربي "القدس في الضمير" في عمّان أمس "عندما أنظر إلى القدس أرى فضاءً دينياً رحباً لا بد أن يسمو فيه الدين فوق السياسة في إطار سلطة معنوية للأماكن المقدّسة لجميع الأديان المتعلقة بها. وهنا أجدد دعوتي إلى إقامة هذه السلطة التي نستطيع من خلالها أن نضع تصوّراً موضوعياً لمستقبل المدينة المقدسة ، بحيث تُفتح بيوت العبادة فيها من مساجد وكنائس وكُنس لكافة الأمم من دون احتكار من أية جهة. كما أننا بحاجة إلى تحديد المساحات المعيارية للدوائر الاجتماعية والدينية بما يحافظ على التناغم والتكامل بينها".

ودعا الأمير الحسن إلى تفعيل قيم الخيرية والغيرية والكرم ووقار الإنسان في سبيل العمل الجمعي من أجل خير الأرض وإنسانها ، مضيفاً أن تغيير صورة المسلم عالمياً لن يتحقق إلا بالمؤسسات الإسلامية التي تتعامل بشفافية مع الفقر والفقراء وسدّ الفجوة في الكرامة الإنسانية.

وقال سموه إن القدس أمانة في أعناق كل المخلصين من أبناء الأمة مؤكداً على الارتباط القوي للمدينة المقدسة بالتراث التاريخي للأردن. وتساءل هل نستمر في الحديث عن الأبعاد التاريخية لما هضم من حقوقنا أم نفكّر في المستقبل مشيراً إلى ضرورة أنسنة الخطاب العربي والتقريب بين مجمع الفكر ومجمع العمل والعاطفة والأخلاق والمعنويات والمبادىء والمعايير الدولية دون تردد ، إلى جانب القبول بقدسية الروح البشرية وحقوق المواطنة ، من أجل الحفاظ على ثقة المواطن وخصوصاً قطاع الشباب.

ودعا الأمير الحسن إلى التعاضد بين القطاعات الاجتماعية المهمشة في وطننا العربي ، والعمل ليس من أجل الاقتصاد وحده ، بل أيضاً من أجل كرامة الإنسان مؤكداً ضرورة معالجة أسباب هجرة الإنسان العربي والعقول والكفاءات العربية.

وقال سموه إن للقدس دورا في شحذ الهمم ونقاء الروح. "إن اليهود منذ نهايات الحرب الكونية الثانية يتآلفون مع المسيحية في الحديث عن القيم. فأيننا من ذلك التآلف مع قيم عقيدة نوح. هل بمقدورنا بناء سفينة لإنقاذ البشرية قبل فوات الأوان" مشيرا الى أن ثقافة الصمود تتطلب التشاركية والمواطنة الصالحة والوضوح في الرؤى.

وأشار سموه إلى ضرورة الحرص على الأماكن الدينية المقدسة وأرشفة تاريخها وحاضرها ، ضمن عملية توثيقية تؤسس لبناء نظام علمي للمعلومات المعرفية. وأكّد وجوب التفكير في بناء درب الأفكار إلى جانب الدروب الأخرى من إيمانية واقتصادية وتجارية.

وتمّ خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الإشهار المحلي للنسخة العربية من تقرير لجنة التمكين القانوني للفقراء "من أجل قانون في خدمة الجميع" ، ضمن أعضاء منتدى الفكر العربي ، حيث أكّد الأمير الحسن على ضرورة إغناء المعلومة القانونية فيما يتعلق بوضع القدس وسكّانها ، فقيمة المعابد والأماكن المقدّسة لا تكتمل دون البشر وتمكينهم على مختلف الصعد وخصوصاً الصعيد القانوني الذي يكفل لهم حقوقهم. كما اشار سموه الى أن ما يميّز هذه اللجنة المستقلة أنها تركّز بصورة أساسية على الحوار بين الأقاليم والاستقلال المتكافل بينها.

وأكّد الأمير الحسن ضرورة استنهاض الهمم لتحقيق نهضة إنسانية على المستويين النظري والعملي ترتكز إلى دعائم الأمن الإنساني الذي هوالسبيل لعلاقات أفضل بين الأمم والدول والشعوب مشيراً إلى وجوب العمل لتحقيق التكامل الإقليمي الذي يساهم في تحقيق التنمية الإنسانية المستدامة.

واستعرض أمين القدس الشريف الحاج زكي الغول لتاريخ القدس الذي يمتد لأكثر من خمسة آلاف وخمسمائة عام حين وصلت الى موقع المسجد الأقصى المبارك احدى القبائل العربية المهاجرة من جنوب الجزيرة العربية لتبني مكانا لها في المدينة وتسميه باسمها "يبوس" الذي أصبح اسما للقدس في ذلك الحين.

وأضاف أن القدس هي موطن للديانة النصرانية والديانة الاسلامية ولا مكان لليهودية فيها أوفي فلسطين اوالأردن مدللا على ذلك باقتباس من كتاب العهد القديم الذي كتبوه في بابل ودونوه في "سفر الخروج" ، وكذلك مستشهدا بآيات في القرآن الكريم من سورة "الشعراء".

وقال أمين عام منتدى الفكر العربي الدكتور حسن نافعة أن ادارة المنتدى تحمست لاقتراح الامير الحسن بن طلال بعقد ندوة هذا العام عن القدس وبعنوان من اختيار سموه ، خصوصا وأنها تأتي في عام القدس عاصمة للثقافة العربية.

وأضاف : لم نقصد من عقد هذه الندوة القاء الخطب الجياشة ولا التنديد بأعمال اسرائيل في المدينة المقدسة ، ولم نهدف من دعوة كل هذا الحضور من أجل أن يفرغوا شحنات ألمهم للوصول الى راحة لضمائرهم ، بل جئنا واجتمعنا لنتكلم عما تمثله القدس من تاريخ وجغرافيا وثقافة وموقف القانون الدولي مما يجري فيها ، لنثبت أن المشروع الصهيوني يقوم على أسطورة لا تستند على أية حقائق تاريخية أودينية.

وبين الدكتور نافعة أن معركة القدس متعددة الجوانب والأبعاد ، ويمثل البعد الفكري أحد هذه الأبعاد والجوانب ، "فالقوة تستطيع أن تفرض واقعا مؤقتا ولكن ليس للأبد" ، "وقد يعجز القانون عن اعادة الحق لأصحابه ولكن الحقوق لا تسقط بالتقادم".

وقدم الدكتور محمد هاشم غوشة من فلسطين بحثا بعنوان "القدس في الضمير" استعرض فيه للمراحل التاريخية التي مرت بها القدس عبر العصور ابتداء من اليبوسيين مرورا بالديانة النصرانية وولادة المسيح ، وانشاء كنيسة القيامة فيها في 335 ميلادية لتصبح لاحقا ملتقى للحجاج النصارى على مر العصور.

وعرج غوشة في تناوله لتاريخ القدس وفلسطين للعصر الاسلامي منذ أن أسري بالنبي العربي الكريم الى المسجد الأقصى ومعراجه الى السماء من هناك ، واعتبار المسجد قبلة المسلمين الاولى ، مرورا بعهد الصحابة والتابعين وموقف الخليفة عمر بن الخطاب من دخولها والوثيقة التاريخية التي وقعها مع بطريرك القدس آنذاك صفرونيوس الذي عد الوثيقة نبراسا لكل وثيقة بعدها.

وتناول المهندس رائف نجم في ورقته "القدس في التاريخ" نشأة المدينة المقدسة وأهميتها الدينية ، وكذلك طبيعة اليهود في الكتب المقدسة وتعاون الصهيونية الحديث مع النازية ، اضافة الى وضع القدس في العهد البيزنطي والعهد الاسلامي.

وتطرق نجم في ورقته الى وضع المسيحيين في الدولة الاسلامية قبل بدء الحروب الصليبية ، وتأثير هذه الحروب على سكان القدس من المسلمين واليهود ، مستعرضا المجازر التي ارتكبت خلالها بحق سكان القدس من المسلمين واليهود.

وعرج على وضع القدس ابان الانتداب البريطاني على فلسطين وخيانة الانجليز للشريف حسين بن علي وثورات العرب الفلسطينيين المتتالية في 1929 1936و 1939و الى حرب عام 48 واحتلال أجزاء كبيرة من فلسطين وتهجير سكانها على يد العصابات الصهيونية.

واستعرض المهندس رائف نجم العهد الأردني في القدس واعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة من قبل الحكومة الاردنية ومشاركة السعودية ومصر خلال الفترة 1956 - 1967 منوها الى التعايش الاسلامي المسيحي فيها أثناء تلك الفترة وقيام المسيحيين بمسؤولية ادارة كنائسهم بانفسهم.

وعدد نجم قرارات الجمعية العامة بشأن فلسطين والقدس وكذلك قرارات مجلس الامن ، ومنظمة اليونيسكو ، ومحكمة لاهاي ، التي لم تجد كثير نفع في وقف الاعتداءات الاسرائيلية على الأرض والانسان من خلال هدم البيوت والمساجد والكنائس ، واحراق المسجد الأقصى ، ومصادرة الأراضي ، والاستيطان ، والحفريات ، والمجازر ، وبناء الجدار العازل.

التاريخ : 04-03-2009