اعراض ما قبل الحيض

اعراض ما قبل الحيض

د. سميح خوري - تشكو ملايين من النساء في العالم من اعراض جسدية ونفسية قد تظهر في أي يوم من الايام الاربعة عشر التي تسبق الحيض لتتلاشى بعد الحيض بقليل. وهذه الاعراض تسمى عملياً متلازمة ما قبل الحيض، وتختلف حدة الاعراض من سيدة لأخرى، لكن بعض الاعراض تكون مشتركة لدى كل السيدات. ولا تفرق اعراض ما قبل الحيض بين امرأة واخرى بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية واللون والعرق ومستوى التعليم والوضع الاجتماعي، وهي تجعل حياة المرأة تعيسة وتؤثر بشكل غير مباشر في حياة شريكها واولادها واهلها وزملائها في العمل.
قد تشكو المرأة قبيل فترة الحيض من اعراض نفسية، مثل: غضب وعدوانية، نوبات قلق وخوف، بكاء دون سبب واضح، شعور بعدم الأمان، تقلبات في المزاج واكتئاب يبلغ ذروته في الليلة السابقة للحيض.
اما الاعراض الجسمية، فتتمثل في: انتفاخ البطن، انتفاخ النهدين، دوار، اغماء، تعب وعدم نشاط، صداع، الم ظهر، خفقان القلب، تورم الكاحلين وزيادة الوزن.
الأسباب:.
لا يزال اطباء النساء والتوليد يجهلون كامل الاسباب لمتلازمة ما قبل الحيض، البعض يعزو السبب الى ارتفاع مستويات هرمون الاستروجين قبيل الحيض مما يسبب ازعاجاً للجهاز العصبي، وبعض المدارس الاخرى عزت السبب الى انخفاض مستويات هرمون البروجسترون قبيل الحيض. اما اليوم، فالاعتقاد السائد، ان الاعراض تحصل كون المريضة حساسة اكثر من اللازم للتقلبات الطبيعية التي تطرأ على التوازن الهرموني خلال الدورة الشهرية كلها.
وحقيقة الامر ان اعراض ما قبل الحيض لا تعود لسبب واحد بل على الارجح لعدة اسباب مجتمعة. لا شك ان للهرمونات دوراً مهماً في حياة المرأة. فهرمون الاستروجين والبروجسترون يتحكمان بالتغيرات الجسمية التي تحدث للمرأة خلال الدورة الشهرية، ويؤثر هذان الهرمونان في مزاج المرأة. فالاستروجين يعمل حافزاً ويخلق حالات من القلق والنزف والتوتر، اما البروجسترون فيعمل مثبطاً، لذا نرى ان الحفاظ على توازن الهرمونين خلال الدورة بأكملها امر في غاية الاهمية.
اذا افرزت الغدة النخامية كمية زائدة من هرمون البرولكتين (هرمون الحليب) يختل توازن الاستروجين والبروجسترون وتؤثر في مثل هذا التوازن عوامل اخرى، مثل الضغط النفسي، ونظام الغذاء، وتلعب بعض المواد الغذائية كالفيتامين ''B6'' والفيتامين ''C'' والزنك والمغنيزيوم دوراً مهماً.
ان النساء اللواتي يعانين من اعراض هذه المتلازمة لا تدل تحاليلهن الدموية على نسب غير طبيعية من البروجسترون او الاستروجين او أي من الهرمونات الاخرى التي تتغير نسبها اثناء الدورة الشهرية. كل ما في الامر ان الاعراض تنتج عن تفاعل الجسم مع التقلبات الطبيعية في مستويات الهرمونات، أي ان المبيضين قد يعملان بشكل طبيعي لدى المرأة التي تعاني من اعراض ما قبل الحيض، لكن ردة فعل جسمها تكون غير طبيعية على المستوى الطبيعي للهرمونات.
يقال ان هناك دوراً لهرمون البرولكتين في حدوث الاعراض فالغدة النخامية تفرز البرولكتين على دفعات داخل الدورة الدموية اثناء الدورة الشهرية. ويبدو ان لارتفاع مستوى البرولكتين في الدم دوراً في تفاقم احتفاظ الجسم بالماء وهو الامر الذي يؤدي الى تطبل البطن وألم الثديين.
العلاج:
حقيقة هناك صعوبة في علاج اعراض ما قبل الحيض، وذلك بسبب ان هذه المتلازمة ليس لها اعراض محددة طبياً تدل بشكل قاطع على الاصابة بها. وهناك عدة وسائل وقاية وعلاج، منها:.
1- العلاج الذاتي كتعديل النظام الغذائي والاقلال من القهوة والكحول وممارسة الاسترخاء والتمارين الرياضية.
-الغذاء: اذا تناولت المرأة غذاءً صحياً يصبح جسمها اقدر على مقاومة التغيرات الجسمية والنفسية والهرمونية. وان تناول النشويات المعقدة والألياف والخضار بشكل منتظم هو حجر الاساس في غذاء مريضات متلازمة ما قبل الحيض. ففي ذلك ضمان لاستقرار مستوى السكر في الدم وبالتالي للاقلال من تقلبات المزاج والشره الى الطعام اثناء الفترة السابقة مباشرة للحيض. لكن هذا لا يعني السماح للوزن بالازدياد، لذا يجب المحافظة على عدد السعرات الحرارية ضمن الحد المسموح به يومياً، وذلك بتصغير الوجبات وزيادة عددها.
كما ان استخدام جرعات من الفيتامين ب 6 والكلسيوم والمغنيزيوم مفيد من الناحية النظرية. فهذه المواد ضرورية لانتاج النواقل العصبية. وفيتامين ب 6 يؤثر في عمل الهرمونات لأنه يساعد الجسم على استخدام الاحماض الدهنية الاساسية المتوفرة بشكل اكثر فعالية. ويحصل الانسان على فيتامين ب 6 من اللحم والسمك والحبوب والخضراوات.
الاسترخاء: ان للاسترخاء اثراً كبيراً في علاج أعراض متلازمة ما قبل الحيض. وعملية الاسترخاء هي الاستماع الى الموسيقى المفضلة للمرأة، والاستلقاء بهدوء لوحدها في غرفة معتمة وتذكر لحظات سعيدة في حياتها او تخيل منظر طبيعي مريح.
2- العلاجات الطبية: لا يزال الجدل قائماً حول نجاعة العلاج الهرموني كاعطاء البروجسترون او حبوب منع الحمل، فهذا العلاج يبدو نافعاً من الناحية النظرية، لأن التجارب لم تقدم الا اثباتاً محدوداً لفعاليتها.
وهناك العلاج بالاعشاب التي تفيد في ادرار البول مثل الهندباء البرية والبقدونس. وهناك اعشاب اخرى تعمل كمضادات خفيفة للألم او مهدئات، ويمكن تناولها لعلاج الاكتئاب.
مستشار الامراض النسائية والتوليد والعقم