صورة من الكثير من صور الشتات
صفحة 1 من اصل 1
صورة من الكثير من صور الشتات
مركز طابور المؤن / 1968 - 2011
(1) أرقام !
قبل عامين أو أقل ، عملتُ لفترة وجيزةٍ جداً في الأنروا في قسم الإغاثة او الإعاشة أو بما يسمى بحزمة الآمان الإجتماعي ، كباحث إجتماعي يقوم بدراسة الحالات الأكثر فقراً بل الحالات الأكثر من الفقر نفسه ، وهي الدراسات التي تقرر من ستمنح الأنروا مؤناً غذائية و حفنة دنانير قليلة كل ثلاثة أشهر ، أخبرني زميل قديم بل قديم جداً أن يوم غد توزيع المؤن وسيتمر لمدة ثلاثة أرقام بعد أن قاموا بتوزيع وريقة صغيرة مكتوب عليها الرقم وتاريخ الاستلام ، فقلت لهم في المكتب أنه لا يجوز أن نتعامل مع الإنسان كرقم خاصة و انهم أبناء شعبنا فقال لي كما يجب عليكَ أيضاً أن تحضر في الساعة الخامسة صباحاً أيضاً ، على مضض وافقت ، حضرت في اليوم التالي فجراً والظلمة بكامل أوجها ، وأظن أن المؤذن كان يصدح للصلاة وليس لنفير المؤن ، على باب المؤن الأزرق الكبير المتسخ دوماً لا سيما اتخاذه مبولةً للمارة المستعجلين ذات رائحة نتنة ، دخلتُ متفاجئاً بالعدد الضخم داخل المركز ، سألت زميلي كبير الباحثين : ما الخطب ، قال : هل عرفت لماذا قلت لكَ ان تأتي باكراً ؟ تم توزيع الأرقام إذن من أجل التنظيم ومنع الازدحام !!
(2) ثقافة الطابور !
اصطفت الجماهير الغفيرة بشكل تلقائي كطابور ، بالرغم من وجود الأرقام بحوزتهم التي تعطيكَ مؤشراً على وقت دوركَ ، يعني بدل أن يصطف اللاجئ طابوراً يصبحُ رقماً من أجل إراحته بدل الوقوف ، أعتقد ان رقم 200 مثلاً سيأتي دوره بعد ساعتين مثلاً ، فلماذا تصر الوقوف في الطابور لمدة ساعتين وأنت تعلم أن الطابور لن ينفعكَ ، من شدة سخطي افتعلتُ مشاجرةً مع أحد الزملاء الذين يقومون بتوزيع الاوراق النقدية أثر تدخله في الطابور وكنت سأدخل بعراكٍ شديد معه ، نعم كنتُ ساخطاً جداً من الالاف الواقفة خارجاً والتي تصر اصراراً شديداً على الوقوف برتابة ضمن طابور ، إذن الطابور مغزاكم والتزاحم هدفكم ، طابور مهذب على سنجة عشرة !! قلبي يخفقُ و انا المهذب الإنساني الذي يتعامل برفق يخرج من طوره ويبدأ بالصراخ على هذه الجماهير المصطفة من أجل قليل من زيت وسكر وحفنة طحين وحليب و أرز لا تكفي لحيوان لمدة أسبوع ، نعم أنا أصرخ ولكن في داخلي صراخ شيءٌ ما غير محدد كنتُ أصرخ عليه ، بينما يتدخل رجل الأمن ( الشرطي ) لمساعدتي أهب به أنه لا دخل لكَ ، طوابير يا شعبي طوابير !!
(3 ) سوق سوداء !
على زاوية مركز توزيع المؤن أو مركز الإذلال لتوزيع المؤن ، يجلسن على رصيف حقير نساء في عمر النكبة ، كبيرات في السن ، عيونهن تقدح يمنة ويسرة ، وجوهٌ عابسات كمن يستعد لعراكٍ ما ، هؤلاء ينتظرنَ من يخرج ليشترين من الناس ما تم منحه لهم و بثمن زهيد ، أكوامٌ من المواد التموينية مكدسة على الزاوية بانتظار أن تنتقل الى السوق وبيعها لعامة الناس ، ويح قلبي ماذا تفعلن و أنتن على مرأى الأنروا والمسؤولين ؟
ذهبت هناك و وأظن أني نسيت أن أرتدي هنداماً مرتبة ، لم أجرؤ مواصلة الذهاب الى الزاوية بعد ضربة الكتف القوية التي داهمتني بها امرأة في الستين من عمرها ذات الوجه المافييّ كزعيم عصابة !!
(4) منتفعون أذكياء !
في اليوم الثالث و الأخير لم يأت سوى القلة القليل من المنتفعين يقومون باستلام بضائعهم وينصرفوا بسلام بدون طابور أو عناء ، ( يعني حاسبينها صح )
(5) خلاصة القول !
ماذا تريد يا شعبي أن تكون ؟
لاجئاً أم كائناً حيوانياً أم رقماً ؟
أجبني بالله عليك ، و قريتك المهّدمة قد أصبحت رجزا ، و أرض اجدادكَ قد صارت سرابا ؟؟
منقول
(1) أرقام !
قبل عامين أو أقل ، عملتُ لفترة وجيزةٍ جداً في الأنروا في قسم الإغاثة او الإعاشة أو بما يسمى بحزمة الآمان الإجتماعي ، كباحث إجتماعي يقوم بدراسة الحالات الأكثر فقراً بل الحالات الأكثر من الفقر نفسه ، وهي الدراسات التي تقرر من ستمنح الأنروا مؤناً غذائية و حفنة دنانير قليلة كل ثلاثة أشهر ، أخبرني زميل قديم بل قديم جداً أن يوم غد توزيع المؤن وسيتمر لمدة ثلاثة أرقام بعد أن قاموا بتوزيع وريقة صغيرة مكتوب عليها الرقم وتاريخ الاستلام ، فقلت لهم في المكتب أنه لا يجوز أن نتعامل مع الإنسان كرقم خاصة و انهم أبناء شعبنا فقال لي كما يجب عليكَ أيضاً أن تحضر في الساعة الخامسة صباحاً أيضاً ، على مضض وافقت ، حضرت في اليوم التالي فجراً والظلمة بكامل أوجها ، وأظن أن المؤذن كان يصدح للصلاة وليس لنفير المؤن ، على باب المؤن الأزرق الكبير المتسخ دوماً لا سيما اتخاذه مبولةً للمارة المستعجلين ذات رائحة نتنة ، دخلتُ متفاجئاً بالعدد الضخم داخل المركز ، سألت زميلي كبير الباحثين : ما الخطب ، قال : هل عرفت لماذا قلت لكَ ان تأتي باكراً ؟ تم توزيع الأرقام إذن من أجل التنظيم ومنع الازدحام !!
(2) ثقافة الطابور !
اصطفت الجماهير الغفيرة بشكل تلقائي كطابور ، بالرغم من وجود الأرقام بحوزتهم التي تعطيكَ مؤشراً على وقت دوركَ ، يعني بدل أن يصطف اللاجئ طابوراً يصبحُ رقماً من أجل إراحته بدل الوقوف ، أعتقد ان رقم 200 مثلاً سيأتي دوره بعد ساعتين مثلاً ، فلماذا تصر الوقوف في الطابور لمدة ساعتين وأنت تعلم أن الطابور لن ينفعكَ ، من شدة سخطي افتعلتُ مشاجرةً مع أحد الزملاء الذين يقومون بتوزيع الاوراق النقدية أثر تدخله في الطابور وكنت سأدخل بعراكٍ شديد معه ، نعم كنتُ ساخطاً جداً من الالاف الواقفة خارجاً والتي تصر اصراراً شديداً على الوقوف برتابة ضمن طابور ، إذن الطابور مغزاكم والتزاحم هدفكم ، طابور مهذب على سنجة عشرة !! قلبي يخفقُ و انا المهذب الإنساني الذي يتعامل برفق يخرج من طوره ويبدأ بالصراخ على هذه الجماهير المصطفة من أجل قليل من زيت وسكر وحفنة طحين وحليب و أرز لا تكفي لحيوان لمدة أسبوع ، نعم أنا أصرخ ولكن في داخلي صراخ شيءٌ ما غير محدد كنتُ أصرخ عليه ، بينما يتدخل رجل الأمن ( الشرطي ) لمساعدتي أهب به أنه لا دخل لكَ ، طوابير يا شعبي طوابير !!
(3 ) سوق سوداء !
على زاوية مركز توزيع المؤن أو مركز الإذلال لتوزيع المؤن ، يجلسن على رصيف حقير نساء في عمر النكبة ، كبيرات في السن ، عيونهن تقدح يمنة ويسرة ، وجوهٌ عابسات كمن يستعد لعراكٍ ما ، هؤلاء ينتظرنَ من يخرج ليشترين من الناس ما تم منحه لهم و بثمن زهيد ، أكوامٌ من المواد التموينية مكدسة على الزاوية بانتظار أن تنتقل الى السوق وبيعها لعامة الناس ، ويح قلبي ماذا تفعلن و أنتن على مرأى الأنروا والمسؤولين ؟
ذهبت هناك و وأظن أني نسيت أن أرتدي هنداماً مرتبة ، لم أجرؤ مواصلة الذهاب الى الزاوية بعد ضربة الكتف القوية التي داهمتني بها امرأة في الستين من عمرها ذات الوجه المافييّ كزعيم عصابة !!
(4) منتفعون أذكياء !
في اليوم الثالث و الأخير لم يأت سوى القلة القليل من المنتفعين يقومون باستلام بضائعهم وينصرفوا بسلام بدون طابور أو عناء ، ( يعني حاسبينها صح )
(5) خلاصة القول !
ماذا تريد يا شعبي أن تكون ؟
لاجئاً أم كائناً حيوانياً أم رقماً ؟
أجبني بالله عليك ، و قريتك المهّدمة قد أصبحت رجزا ، و أرض اجدادكَ قد صارت سرابا ؟؟
منقول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى