كيف يقرأ الأطفال مُبكراً ؟
صفحة 1 من اصل 1
كيف يقرأ الأطفال مُبكراً ؟
كيف يقرأ الأطفال مُبكراً ؟
د. فتحي احميدة - ذهبتْ الأم وطفلتها الصغيرة ذات الأربع سنوات إلى عيادة الطبيب، وبينما كانتا تجلسان في غرفة الانتظار، ألقت الطفلة بنظرها على الكتب والمجلات الموجودة في تلك الغرفة، فذهبتْ وتناولتْ مجلة، كانت مجلة للأطفال، وكان غلافها زاهيَ اللون، أخذت الطفلة بتقليب صفحاتها، وتوقفت عند قصة موجودة في تلك المجلة، كانت القصة جذابة ومليئة بالصور، احتوت على عدد قليل من الكلمات المكررة والمكتوبة بخط كبير، بدأت الطفلة بقراءة القصة بصوت عالٍ كلمة كلمة. التفتت الأم إلى طفلتها بإثارة كبيرة معتقدةً أن تلك القصة قد قُرأت لها مسبقاً، غير أنها بعد أن نظرت إلى القصة تأكدت أنها لم تُقرأ لها، وأن طفلتها أحدثت انتقالاً كبيراً في سلوك تعلم القراءة المبكرة. أثار هذا الموقف فضول إحدى السيدات ممن كنّ في غرفة الانتظار، وبدهشة عظيمة قالت السيدة للأم: إنّ ابنتك تقرأ... إنها تبدو صغيرة(....)، هل هي المدرسة؟ فأخبرتها الأم أنّ ابنتها لم تدخل الروضة بعد، ولم تتعلم حتى الحروف الهجائية.
وبدت علامات الدهشة مرة أخرى على تلك السيدة، فسألت: ''وكيف أصبحت تقرأ إذن؟''. أجابت الأم: منذ اليوم الذي ولدت فيه طفلتي، وأنا وأبوها نقرأ لها من كتب وقصص الأطفال. كنتُ أجلسها على حجري، وأتحدث لها عن الصور وأقرأ لها القصص، كانت القراءة يومية. وعندما بلغت ستة أشهر كانت تصغي بينما أقرأ لها، وأحياناً كانت تلمس الكتاب، وتبدأ بمساعدتي في تقليب صفحاته. كان يجذبها في الكتاب الصور الملونة الزاهية. فالقراءة كانت بالنسبة لها خبرة يومية ممتعة وشيئاً مألوفاً تمارس في أوقات دافئة. أصبح سلوكها نحو القراءة يتطور كلما كانت تكبر، فقبل أن تبدأ بالكلام كانت تشير إلى الصور وتقوم بهمهمات مقلدة سلوك قراءة الكبار.
وعندما نما جهازها النطقي وزادت مفرداتها اللغوية، بدأت تشير إلى الأشياء في الكتاب أثناء القراءة لها.
وعندما أصبح عمرها سنة ونصف كنتُ ألاحظها تجلس على الأرض وتتظاهر بالقراءة، كانت تعرف كيف تمسك الكتاب وتقلبه بشكل صحيح من اليمين إلى اليسار، كانت تتوقف عند الصفحة وتنظر إلى الصور وتردد نبرات مشابهة لصوتي مع إضافة بعض من لغتها الخاصة. كان يظن الناظر لها من مسافة بعيدة أنها تقرأ غير أنها، في الحقيقة، لم تكن تقرأ بل كانت تتظاهر بالقراءة.
كنت أحرص كذلك على توفير الكتب لها باستمرار في كافة أرجاء المنزل، كان لديها كتب في غرفتها وهي في عمر السنتين، كنت أشتري لها الكتب وأضعها مع ألعابها، كانت كتباً جذابة، بعضها كان يصدر أصواتاً، وبعضها الآخر كان مصنوعاً من القماش أو البلاستيك لتتحمل المضغ، كان لها كتب ضد الماء يمكن استعمالها أثناء الاستحمام، كانت هذه الكتب في متناول يدها، وكان لها مطلق الحرية في استخدامها في أي وقت تشاء. كنت أنا وأبوها نقرأ لها تلك الكتب متى طلبت منا قراءتها مرة واثنتين وأحياناً ثلاثة.
فضلاً عن ذلك كان هناك كتب كثيرة خاصة بنا، كنا نقرأ كتبنا الخاصة أمامها عن قصد، كانت كلما تشاهدنا نقرأ كتبنا تحضر كتبها الخاصة وتجلس معنا محاولة قراءتها.
وعندما ترافقنا إلى الأماكن عامة كنا نقرأ لها أسماء المحال التجارية أو شواخص المرور أو إي مواد مطبوعة، وهذا ساعدها في زيادة وعيها بمصطلحات المواد المطبوعة، ومن ثم الوعي باللغة المكتوبة.
وعندما أصبحت في السنة الثالثة من عمرها أصبحت قراءتنا لها أكثر تفاعلية، وكنّا نجيب عن أسئلتها المتعلقة بالقراءة، كقراءة الكلمات المطبوعة في التلفاز أو تلك المكتوبة على منتجات الطعام، بعد ذلك أصبحت تسرد لنا القصص المألوفة أثناء قراءتنا لها، وأحياناً كانت تقوم بسرد قصصها الخاصة. وانتقل انتباهها من الصور إلى المطبوعات حيث بدأت تدرك أن صور القصة تمثل أحداثاً متسلسلة، وأن الكلمات هي التي تنقل أحداث القصة. ونتيجة لذلك الفهم بدأت تظهر اهتماماً بالحروف والكلمات. ببساطة لقد تعلمت الطفلة القراءة من خلال بيئة تعلم طبيعية وغنية بالقصص والمواد المطبوعة، ومن خلال دعم سلوكياتها المبكرة في القراءة وتعزيزها، ومن خلال تقديم النموذج الملائم لها.
كلية الملكة رانيا للطفولة - الجامعة الهاشمية
fathi@hu.edu.jo
د. فتحي احميدة - ذهبتْ الأم وطفلتها الصغيرة ذات الأربع سنوات إلى عيادة الطبيب، وبينما كانتا تجلسان في غرفة الانتظار، ألقت الطفلة بنظرها على الكتب والمجلات الموجودة في تلك الغرفة، فذهبتْ وتناولتْ مجلة، كانت مجلة للأطفال، وكان غلافها زاهيَ اللون، أخذت الطفلة بتقليب صفحاتها، وتوقفت عند قصة موجودة في تلك المجلة، كانت القصة جذابة ومليئة بالصور، احتوت على عدد قليل من الكلمات المكررة والمكتوبة بخط كبير، بدأت الطفلة بقراءة القصة بصوت عالٍ كلمة كلمة. التفتت الأم إلى طفلتها بإثارة كبيرة معتقدةً أن تلك القصة قد قُرأت لها مسبقاً، غير أنها بعد أن نظرت إلى القصة تأكدت أنها لم تُقرأ لها، وأن طفلتها أحدثت انتقالاً كبيراً في سلوك تعلم القراءة المبكرة. أثار هذا الموقف فضول إحدى السيدات ممن كنّ في غرفة الانتظار، وبدهشة عظيمة قالت السيدة للأم: إنّ ابنتك تقرأ... إنها تبدو صغيرة(....)، هل هي المدرسة؟ فأخبرتها الأم أنّ ابنتها لم تدخل الروضة بعد، ولم تتعلم حتى الحروف الهجائية.
وبدت علامات الدهشة مرة أخرى على تلك السيدة، فسألت: ''وكيف أصبحت تقرأ إذن؟''. أجابت الأم: منذ اليوم الذي ولدت فيه طفلتي، وأنا وأبوها نقرأ لها من كتب وقصص الأطفال. كنتُ أجلسها على حجري، وأتحدث لها عن الصور وأقرأ لها القصص، كانت القراءة يومية. وعندما بلغت ستة أشهر كانت تصغي بينما أقرأ لها، وأحياناً كانت تلمس الكتاب، وتبدأ بمساعدتي في تقليب صفحاته. كان يجذبها في الكتاب الصور الملونة الزاهية. فالقراءة كانت بالنسبة لها خبرة يومية ممتعة وشيئاً مألوفاً تمارس في أوقات دافئة. أصبح سلوكها نحو القراءة يتطور كلما كانت تكبر، فقبل أن تبدأ بالكلام كانت تشير إلى الصور وتقوم بهمهمات مقلدة سلوك قراءة الكبار.
وعندما نما جهازها النطقي وزادت مفرداتها اللغوية، بدأت تشير إلى الأشياء في الكتاب أثناء القراءة لها.
وعندما أصبح عمرها سنة ونصف كنتُ ألاحظها تجلس على الأرض وتتظاهر بالقراءة، كانت تعرف كيف تمسك الكتاب وتقلبه بشكل صحيح من اليمين إلى اليسار، كانت تتوقف عند الصفحة وتنظر إلى الصور وتردد نبرات مشابهة لصوتي مع إضافة بعض من لغتها الخاصة. كان يظن الناظر لها من مسافة بعيدة أنها تقرأ غير أنها، في الحقيقة، لم تكن تقرأ بل كانت تتظاهر بالقراءة.
كنت أحرص كذلك على توفير الكتب لها باستمرار في كافة أرجاء المنزل، كان لديها كتب في غرفتها وهي في عمر السنتين، كنت أشتري لها الكتب وأضعها مع ألعابها، كانت كتباً جذابة، بعضها كان يصدر أصواتاً، وبعضها الآخر كان مصنوعاً من القماش أو البلاستيك لتتحمل المضغ، كان لها كتب ضد الماء يمكن استعمالها أثناء الاستحمام، كانت هذه الكتب في متناول يدها، وكان لها مطلق الحرية في استخدامها في أي وقت تشاء. كنت أنا وأبوها نقرأ لها تلك الكتب متى طلبت منا قراءتها مرة واثنتين وأحياناً ثلاثة.
فضلاً عن ذلك كان هناك كتب كثيرة خاصة بنا، كنا نقرأ كتبنا الخاصة أمامها عن قصد، كانت كلما تشاهدنا نقرأ كتبنا تحضر كتبها الخاصة وتجلس معنا محاولة قراءتها.
وعندما ترافقنا إلى الأماكن عامة كنا نقرأ لها أسماء المحال التجارية أو شواخص المرور أو إي مواد مطبوعة، وهذا ساعدها في زيادة وعيها بمصطلحات المواد المطبوعة، ومن ثم الوعي باللغة المكتوبة.
وعندما أصبحت في السنة الثالثة من عمرها أصبحت قراءتنا لها أكثر تفاعلية، وكنّا نجيب عن أسئلتها المتعلقة بالقراءة، كقراءة الكلمات المطبوعة في التلفاز أو تلك المكتوبة على منتجات الطعام، بعد ذلك أصبحت تسرد لنا القصص المألوفة أثناء قراءتنا لها، وأحياناً كانت تقوم بسرد قصصها الخاصة. وانتقل انتباهها من الصور إلى المطبوعات حيث بدأت تدرك أن صور القصة تمثل أحداثاً متسلسلة، وأن الكلمات هي التي تنقل أحداث القصة. ونتيجة لذلك الفهم بدأت تظهر اهتماماً بالحروف والكلمات. ببساطة لقد تعلمت الطفلة القراءة من خلال بيئة تعلم طبيعية وغنية بالقصص والمواد المطبوعة، ومن خلال دعم سلوكياتها المبكرة في القراءة وتعزيزها، ومن خلال تقديم النموذج الملائم لها.
كلية الملكة رانيا للطفولة - الجامعة الهاشمية
fathi@hu.edu.jo
مواضيع مماثلة
» عادة مص الإبهام عند الأطفال
» حقائب الظهر الثقيلة خطر على صحة الأطفال
» رياض الأطفال.. ركيزة وغرس
» عشرة أنواع لكذب الأطفال
» --( الأطفال النباتيون أكثر ذكاء )--
» حقائب الظهر الثقيلة خطر على صحة الأطفال
» رياض الأطفال.. ركيزة وغرس
» عشرة أنواع لكذب الأطفال
» --( الأطفال النباتيون أكثر ذكاء )--
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى