ثمانية شهداء تحت الركام من عائلة واحدة: بعد مرور عشرة اعوام .. نابلس تستذكر شهداء مجزرة الدرع الواقي في البلدة القديمة
صفحة 1 من اصل 1
ثمانية شهداء تحت الركام من عائلة واحدة: بعد مرور عشرة اعوام .. نابلس تستذكر شهداء مجزرة الدرع الواقي في البلدة القديمة
عزيزة ظاهر
في اوائل شهر نيسان من عام 2002 شنت اسرائيل هجمة شرسة على المقاومين داخل احياء البلدة القديمة في نابلس استمرت قرابة شهر لم يميزوا خلالها بين امراة ورجل او كبير وصغير فقدهدمت المنازل فوق رؤوس اصحابها وقصفت الاحياء والحارات في البلدة القديمة بالصواريخ والطائرات حيث شارك بهذه العملية حوالي 30 ألف جندي. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلئ ارائيل شارون هو الذي اعطى الضوء الاخضر لبدء العملية التي استشهد على اثرها 77 مواطنا وجرح المئات واعتقل خلالها قرابة 1000 اسير وجاء ذلك بعد حدوث عملية استشهادية في تل ابيب قتل اثرها 19 اسرئيليا في عيد الفصح اليهودي. في بداية العملية العسكرية قامت القوات الإسرائيلية بالتوغل في المدن الفلسطينينة في الضفة الغربية وخصوصا مدينة نابلس ومدينة جنين ومدينة رام الله، اثر اقتحام مدينة رام الله فرض الجيش الإسرائيلي حصار على مقر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المعروف بالمقاطعة وبقي الرئيس الفلسطيني محاصر في المقاطعة حتى اخر ايام حياته ولم يسمح له بالخروج الا للسفر لتلقي العلاج بعد أن تم تسميمه ومن ثم وفاته في عام 2004. اثر العملية العسكرية قام الجيش الإسرائيلي باحتلال معظم مدن الضفة الغربية واستشهد حوالي 4412 فلسطيني وقتل 332 جندي إسرائيلي وجرح 3000ودمر 8 دبابات من نوع ميركافا وقتل من المستوطنين اليهود 728 قتيل . كان من اهداف هذه الحملة انهاء العمليات الاستشهادية داخل اسرئيل لكن طوال فترة العملية العسكرية لم تنجح العملية بشكل ملحوظ في خفض عددها، وأيضا بعد انتهاء العملية العسكرية وانسحاب الجيش الإسرائيلي شرعت الحومة الإسرائيلية ببناء الجدار العازل.
استهداف المعالم الدينية
لم تسلم دور العبادة سواء كانت إسلامية أو مسيحية من عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء اقتحامه المتكرر والمتواصل للبلدة القديمة في مدينة نابلس فهناك عدد من المساجد والكنائس التاريخية التي تعود نشأتها إلى مئات السنين قد اعتدى عليها فدمرت أو دمر أجزاء منها ففي الثامن من نيسان 2002 هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الجدار الغربي للجامع الصلاحي الكبير الذي يقع في صدر البلدة القديمة من الناحية الشرقية وهو من أكبر جوامع المدينة وأقدمها أصله كنيسة بيزنطية بني في موقعها كنيسة صليبية عام 1167 ثم حولت إلى جامع على يد صلاح الدين الأيوبي عام 1187.
وقد تعرض مسجد النصرالواقع في وسط البلدة القديمة إلى الاقتحام من قبل قوات الاحتلال عدة مرات ففي اجتياح نيسان أقدم جنود الاحتلال على تحطيم أبواب المسجد وشبابيكه وبتاريخ 22/8/2003 حطم جنود الاحتلال أبواب المسجد وقاموا بتصوير المحراب والمنبر. اما مسجد البيك الواقع في شارع النصر قد تعرض هو الاخر للاقتحام من قبل جنود الاحتلال مرتين وبتاريخ 15/6/2004 أجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي تفجيرات أدت إلى تحطيم أبواب وشبابيك ومصابيح المسجد بالإضافة إلى تحطيم أثاث المكتبة وتحطيم بعض لوحات آيات قرآنية فوق المحراب وتم اقتحام الطابق العلوي وتم العبث بالخزائن التي تحتوي كتب ومصاحف، الأمر الذي جعل دائرة الأوقاف تغلق المسجد أمام المصلين. من بين الجوامع التاريخية الأخرى التي تعرضت للعدوان بداخل البلدة القديمة أيضا جامع عجعج الذي هدم سوره وجامع التينة وجامع المساكينوجامع الانبياء .
لم تقتصر عمليات العدوان على المساجد بل طالت أيضا المقامات الإسلامية لا سيما مقام الشيخ مسلم الذي يقع في حارة الشيخ مسلم ويعود للشيخ مسلم الصمادي أحد المجاهدين المرافقين لصلاح الدين الأيوبي جدد بناؤه في العهد العثماني 1771م ورمم حديثا في عام 2000. وقد تعرض هذا المقام للقصف المدفعي في نيسان 2002 من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي مما أدى إلى هدم جداره الشمالي كليا والبالغ طوله 7م بارتفاع 3م.
وقد تعرضت كنيسة الروم الارثذوكس وكنيسة القديس فيليس الاسقفية للاعتداء عليها وهدم اجزاء من جدرانها .
هدم وتدمير المنازل
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف بيوت ومختلف مباني البلدة القديمة في اجتياح نيسان 2002 بصواريخ طائراتها الحربية الأف16 والأباتشي واستخدمت الجرافات الضخمة في هدم المنازل للدخول إلى الأحواش وكذلك استخدمت المتفجرات لنسف المنازل أو اقتحامها إما بتفجير الأبواب أو باختراق الجدران للانتقال من منزل إلى آخر.و قد أسفرت علميات القصف والتجريف والتفجير إلى إلحاق أضرار جسيمة بمنازل البلدة القديمة التاريخية طالت 40% منها حسب تقرير لجنة فلسطين الوطنية (الأكوموس) فقط في نيسان 2002، أغلب هذه المنازل في حارة الياسمينة والقريون والشيخ مسلم والفقوس والحبلة وحبس الدم بعض هذه المنازل تعرض لعمليات الهدم والتخريب اكثر من مرة .
مجزرة الشعبي ... ثمانية تحت الركام
بعد يومين من التوغل في المدينة من مختلف المحاور واحتلالها، حيث بدأت الدبابات والجرافات بشق طريقها نحو حي 'رأس العين'، القريب من البلدة القديمة، والتمركز أمام منزل عائلة الشعبي، والتي سرعان ما بدأت قذائف الموت والنار تنهال عليه بغزارة وجنون، قبل أن تشرع الجرافات بتجريف المنزل وتسويته بالأرض، لتتأكد أن من بداخل المنزل قد ماتوا , باعجوبة وقدرة الهية نجا المواطن عبد الله الشعبي (78عاما)، وزوجته شمسة من الموت، بعد أن طمرتهما الأتربة والحجارة المنهالة على منزلهما، وبقيا فيه مايقارب 11 يوما، لم تستطع خلال تلك الفترة أي من طواقم الإسعاف ولا الصليب الأحمر الوصول لتقديم المساعدة لهما بعد مرور عقد على المجزرة البشعة مازال عبدالله يستذكر ماحصل قائلا لمراسلة دنيا الوطن " في تلك الفترة لم نكن نفكر سوى بالموت، كنت أنظر إلى سقف الغرفة الآيل إلى السقوط، ويتخيل لي في كل لحظة بأنه سيقع، كنت أنظر إلى زوجتي المريضة، بينما لم يتوقف عقلي عن التفكير بعائلة اخي والاطفال الموجودون بالمنزل . في تلك الأيام لم نحاول إنقاذ أنفسنا او الخروج من المنزل لأن أي حركة في المنزل ستؤدي إلى انهياره فوق رؤوسنا، بقينا في معزل عن العالم، دون ماء أو كهرباء أو طعام، دفنونا أحياء .
ظل المواطن عبد الله وزوجته يعيشوا الخوف والفزع والقلق الى ان قررت قوات الاحتلال رفع حظر التجول عن المدينة لساعات قليلة، لينكشف خلالها حجم الدمار والمجزرة التي ارتكبتها جرافات الاحتلال بحق عائلة الشعبي . يقول :"حضرت سيارات الإسعاف، وبدأت بالنداء علينا، هل هناك أحياء؟، حينها بدأت بالصراخ وتم انتشالنا من المكان، وأكتشفت حينها أن أولاد أخي وأطفاله تحولوا إلى أشلاء ممزقة، كانت صدمة كبيرة "'.
اما محمود الشعبي ابن العائلة الذي كان خارج المنزل في حين المجزرة يقول : بدأت اخاف بعد ان انقطعت الاتصالات بالعائلة وبعد رفع حظر التجول اسرعت الى المنزل وهناك كانت الصدمة عائلتي تحت الأنقاض، والدي عمر الشعبي وشقيقي سمير وزوجته الحامل، وأطفاله عبد الله وأنس وعزام، بالإضافة إلى شقيقتي فاطمة وعبير , يتابع الشعبي عملت طواقم الإطفاء التابعة لبلدية نابلس طوال الليل على انتشال جثث الشهداء، حتى ساعات الصباح الباكر، فيما بقي جنود الإحتلال يطوقون المكان، وأثناء عملية البحث وجدنا شقيقتي فاطمة تسند ظهرها إلى باب المنزل الرئيسي وتضع على صدرها الطفل عبد الله، على ما يبدو كانت تحاول الخروج من الباب، فيما عثر على باقي الشهداء مجتمعين في غرفة صغيرة في وضعية تشير إلى أنهم حاولوا الهروب، أو البحث عن مخرج لكن الموت كان أقرب من النجاة والهرب .
ثمانية من افراد عائلة الشعبي استشهدوا في هذه المجزرة هم عمر الشعبي 80 عاما، وأبناءه سمير وفاطمة وعبير في الأربعينيات من العمر، ونبيلة غانم زوجة سمير الحامل في الشهر السابع والأطفال عبد الله وعزام وأنس الشعبي و بقيت جثثهم الطاهرة في الثلاجات لحين سمحت قوات الإحتلال بدفنهم في المقبرة الغربية بتاريخ 19-4-2002... .ولم يبق لعبد الله ومحمود والحاجة شمسة سوى الذكريات المؤلمة والبكاء المتواصل على شهدائم الابرار.
مواضيع مماثلة
» المستوطنون يستبيحون البلدة القديمة والمسجد الأقصى
» استعدادات اسرائيلية لبناء بؤرة استيطانية وكنيس داخل البلدة القديمة
» آذان فوق الركام
» ذاكرة أهالي سوف وغزة تحتفظ بتفاصيل الهجرة رغم مرور 60 عاما على النكبة
» ثمانية اعضاء فـي البرلمان الاوروبي يدخلون قطاع غزة عبر معبر رفح
» استعدادات اسرائيلية لبناء بؤرة استيطانية وكنيس داخل البلدة القديمة
» آذان فوق الركام
» ذاكرة أهالي سوف وغزة تحتفظ بتفاصيل الهجرة رغم مرور 60 عاما على النكبة
» ثمانية اعضاء فـي البرلمان الاوروبي يدخلون قطاع غزة عبر معبر رفح
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى